من لهم آذان فليسموعوا

حلم، مكان صعب، حالم محلي، الشرق الأوسط

من لهم آذان فليسموعوا

كان أول مريض للدكتور ماجد يشعر بالأسى في ذلك الصباح. “لا استطيع أن أسمع”ـ

قبل افتتاح هذه العيادة الريفية، انتظر هذا القروي أكثر من ساعتين ليكون الأول في الطابور للحصول على المساعدة المطلوبة. بوجود خمسة مستشفيات عامة فقط لما يقرب ال 1.4 مليون شخص، فإن أي رعاية صحية على الإطلاق يتم تقديرها، ناهيك عن العلاج من قبل أخصائي الأنف والأذن والحنجرة هذا ـ

قام الدكتور ماجد بفحص سريع، ثم حول هذه الحالة البسيطة إلى مساعده. صعدنا أنا والدكتور ماجد إلى غرفة مجاورة لعلاج المريض التالي. مع عدم وجود أي استراحة، كان يتنقل بثبات ذهاباً وإياباً، ساعة بعد ساعة، للوصول أخيرًا إلى آخر الصف ـ

متكئًا من آلام ظهره الثاقبة، انحنى الدكتور ماجد نحو المريض الأول مرة أخرى ورمقني بنظرة سريعة، فسألته بتردد: “هل يمكنك أن تسمع الآن؟”ـ

صرخ والابتسامة تعلو وجهه من الأذن الى الاذن، يلوح بأذرعه فوق رأسه: “نعم .. الحمدلله!! نعم!”

حدقت في دكتور ماجد وكلي ريبة مما حدث. الأصم يسمع؟ هذا مدهش ـ

أوضح الدكتور ماجد أن هذه المحافظة تتعرض لانخفاض كمية هطول الأمطار مع ارتفاع درجات الحرارة من (32) إلى (48) درجة مئوية ثمانية أشهر في السنة. الأمر الذي يؤدي إلى احتضان الأذن للعرق والأوساخ والحرارة، تؤدي بالنتيجة الى إصابة الأذن بالإلتهابات المزمنة. بعد 17 عاماً من العيش في هذه الظروف الجوية، عالج الدكتور ماجد عشرات الآلاف من هذه الأمراض التي تؤثر على القدرة على السمع، مما جعله ضليعاً بمثل هذه الحالات بالفطرةـ

إن تعاطف الدكتور ماجد وتصميمه على خدمة هؤلاء القرويين البسطاء في هذا الماراثون الطبي المرهق متجذر في تجربته الشخصية مع الألم والمعاناة.

حيث تعرض إلى حادثي سيارة مروعين؛ الأول أدى إلى سحق وجهه وإدخاله في غيبوبة، وكاد الثاني أن يغرقه رأساً على عقب في قناة للري. وهو على قناعة تامة بأنه استرد حياته وأعطي فرصة أخرى للعيش في سبيل خدمة من هم أكثر حاجة.

لكن ليس لأي من هذه الصدمات أن تقارن بأعمق معاناه مر بها؛ وهي الموت البطيء لأبنائة.

كان ابنه الأكبر في الثامنة من عمره عندما لاحظ الدكتور ماجد وزوجته أنه يعاني من صعوبة في المشي. وبعد أربع سنوات، اشتد فيهم عندما لاحظوا نفس الأعراض عند ابنهم الثاني. فكلا الولدين يعانون من اضطراب عصبي تنكسي وشللي، والذي يؤثر على عضلاتهم ويعمل على ضمورها، بدءاً بالأطراف. لا يوجد علاج لمثل هذه الحالة، وهم على دراية بأنه سيؤدي هذا المرض الى مفارقتهم للحياة بالنهاية.

ومع ذلك، عاش هذين الشابين حياة مزدهرة بفضل حب والديهما المتفاني ورعايتهم.

لقد ولّدت معاناة الدكتور ماجد ثمرة القيم التي تظهر في سلوكه، إنه يشع بأمل حي نحو المستقبل يتجاوز الحزن. هذا واضح في كيفية تربيته لأبنائه الحاصلين على شهادات جامعية. الدكتور ماجد مليء بالفرح الذي يلهم الآخرين للعمل بحماس، وهذا واضح في تفاني فريقه الصغير الذي يصل إلى عيادته مبكراً ويغادر متأخراً. كما ويعبر عن المحبة بشكل الملحوظ عبر استمراره في الخدمة متناسياً آلامه ومعاناته. هذا واضح لكل مريض، خاصة أولئك الذين ينتظرون في نهاية الصف.

يدرك الدكتور ماجد أنه يعالج نسبة ضئيلة من أكثر من 800000 شخص من القرويين النائيين في محافظته دون رعاية. يجب أن يجد طرقًا جديدة للوصول إلى أماكن أبعد وتوسعة نطاق خدماته.
ما هي خطته؟ إنشاء منهاج دراسي متبوع بتدريب المهنين الصحيين المحليين على أساسيات العناية بنظافة الأذن، التشخيص الأولي والعلاج البسيط كمتطوعين – تماماً كما فعل مع فريقه. سيتعامل هؤلاء المتطوعون مع الحالات غير الحرجة وإحالة الحالات المعقدة إلى عيادته.
كتب حلم حياته على باب عيادته: “من لهم آذان فليسمعوا!”

العنوان

     دريمز انديد - احلام بالفعل

      ص.ب 5091 عمان 11183 الاردن

 

البريد الإلكتروني

عمان - الاردن

 

Download  الخصوصية محفوظة