من هو جاري؟

الأماكن الصعبة، الحالم المحلي، الشرق الأوسط، الإدراك

بعد يومين من سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والرسائل النصية، قمنا أنا وديفيد بالتأكيد على رحلتنا الأولى إلى العراق وكان ذلك بعد أقل من 48 ساعة من وصول ديفيد إلى المنزل من رحلة سابقة، وسرعان ما كنا في طريقنا الى الرحلة التي تليها ـ

لحظة الصعود الى الطائرة، لا مجال للتراجع الان، أربيل – بغداد

الى المجهول

واصبحت حقيقة .

لم يتبادر الى ذهني حقيقة الواقع الا حين نظرت من نافذة الطائرة ورأيت الطائرات العراقية فقط على المدرج. كنا متجهين إلى منطقة تمت فيها المقايضة بين الفصائل المتنافسة. وكان وضع اللاجئين مريعاً. كان هدفنا من هذه الرحلة أن نفعل كل ما بوسعنا لتقديم التشجيع والمساعدة لهؤلاء الذين هم بأمس الحاجة إلها. ولكننا لم نكن نعلم أننا بصدد تجربة مغيرة للحياة.

حيّنا الجديد

كانت أمسية صيفية حارقة، عندما وصلنا الى أحد المخيمات، التي يصلها الكهرباء وبها صنابير مياه مشتركة، وحتى بعض أجهزة التكييف البدائية والمقدمة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لكن الأهم من ذلك كله، أن هذا المخيم الجديد كان مكتظًا بالأشخاص. واستقبلت كنيسة محلية اعداد من العائلات النازحة من جميع الفئات والخلفيات. وكانت تنام هذه العائلات على أرضية الكنيسة، مستغلة كل ركن من أركان الموقع، متدفقين الى الخارج ليملؤو الحدائق العامة ايضاً.

مخيم محلي في المدينة

الأطفال الصامدون بالمخيم بابتساماتهم للكاميرا

في صباح اليوم التالي، بعد رحلة حارة وشاقة استغرقت ثلاث ساعات، تجولنا في مخيم ثانٍ للأمم المتحدة، مكتظ بالأقليات العرقية الذين فروا من الصراع، والنازحين مرارًا وتكرارًا والذين استقروا الآن في هذا المخيم المؤقت على مشارف المدينة، مع القليل من المياه والكهرباء.

تحضير الوجبات لستون ألف لاجئ

على جانب اخر من المدينة، اكتشفنا 111 عائلة احتموا في الأكشاك المهجورة في سوق الجملة. وكان للعائلات المحظوظة جداران وسقف؛ بينما جلس الباقيين في العراء وعلى الخرسانات، بلغ عددهم أكثر من 700 شخص يشتركون في خزان مياه واحد وصنبوره، وست دورات مياه، وكشكين متداعين عليهم ستائر بمثابة اماكن للاستحمام الا انها بدون مياه جارية.

التجمع للطعام في الأسواق المهجورة

العائلات التي حالفها الحظ بجدران وسقف فوق رأسها.

ابنة منسق الموقع سعيدة بالكرسي المتحرك الذي تم التبرع به لها

كبار السن يعلو الوقار وجههم بينما هم جالسين بالخارج

الفرح: مدفون بعمق الألم

في ذلك المساء، اكتشفنا أحدث حالم. كرس حياته لتحقيق حلم المجتمع المستدام للعائلات التي لديها أطفال معاقين عقليًا في جميع أنحاء العراق.

والآن أصبح هو وعائلته لاجئين بعد أن طردوا من منزلهم ومتجرهم والبنادق موجهة الى رؤوسهم، تخلى هو وابنه عن سيارتهم وأموالهم وأمتعتهم، وساروا إلى الصحراء بحياتهم فقط حاملين ملابسهم على اكتافهم.

امتد حديثنا معه حتى غروب الشمس، فدعانا لمقاسمته العشاء من حصة الإغاثة الخاصة بأسرته، ومشاركتهم حصائر النوم المستعارة على أرضية المدرسة.

تبرعات وأغراض مستعارة مخزنة في أحد غرف المدرسة

لم نشهد أبدًا كرم الضيافة بهذا الشكل، جلسنا نرتشف الشاي مستمعين لما هو على قلبه؛ كل الآلام مهمة عند الله وبصفتي من أتباعه، فإن أي مشكلة تتعلق بالآخر هي مشكلتي، لذا يجب ألا ندع خلافاتنا تفرق بيننا. يجب أن نحول هذه الكارثة إلى فرصة ربانية. يخبرني الكتاب المقدس أن أحول السيف إلى محراث والآن هي فرصتنا لنحب أولئك الأقل حظًا منا “.

حث الحالم عائلته واقاربه النازحين لتقاسم حصصهم من الإغاثة مع العائلات النازحة من خلفيات عرقية أخرى.

“نحن، كمسيحيين كان لدينا كنيسة رحبت بنا، لكن هؤلاء الناس لم يجدوا من يرحب بهم. لذا فإن استطعنا ان نحب بعضنا البعض في ألمنا، عندها سنختبر فرح الله “.

الاعتراف بجيراننا

ما زلت أنا وديفيد نفكر في حكمة وبصيرة هذا الرجل المتواضع الرائع. يمشي هو وعائلته في الصحراء، محرومين من كل ممتلكاتهم الأرضية، ورغم ذلك يغلب عليه هو وابنه الامتنان. حيث قام شخص غريب تمامًا ومن قبيلة أخرى بمساعدته هو وابنه وإيصالهم الى بر الأمان هو وزوجته وأطفاله الآخرين.

الخبر مليء بقصص مرعبة وعنف وكراهية. ومع ذلك، في هذه الأماكن المظلمة هناك دائما بريق نور وهذا الحالم الجديد وعائلته هو مثال لتلك الانوار.

لقد اكتشفنا جيران جدد رائعين, من أصول وخلفيات متعددة مستعدين لبناء نوع جديد من المجتمع معًا.

عندما تعانقنا مودعين بعضنا، قال الحالم: “المساعدة المادية مرحب بها. لكن الذي يعنيه لنا أكثر انكم اتيتم لتكونوا معنا. وبسبب ذلك نحن نعلم أننا لم ننسى”.

اخر مركز تفتيش قبل دخول المنطقة القريبة من الصراع.

ربما حان الوقت لكي يتوقف كل منا ويسأل نفسه، “من هو جاري؟”

لأنه مطلوب منا دوماً ان نكون مثالا لحسن الجار.

العنوان

     دريمز انديد - احلام بالفعل

      ص.ب 5091 عمان 11183 الاردن

 

البريد الإلكتروني

عمان - الاردن

 

Download  الخصوصية محفوظة